التصميم والنماذج الأولية | الوحدة الثانية | الدرس الأول
التصميم والنماذج الأولية هو عنوان الدرس الأول من الوحدة الثانية التي تحمل اسم “التصميم والنمذجة الأولية” من مقرر “التصميم الهندسي”.
سنتعرف في هذا الموضوع على دورة التصميم، ومراحلها المختلفة، كذلك سنتعرف على كيفية بناء النماذج الأولية، والتعرُّف على تقنيات الرسم ثلاثي الأبعاد، وعرض وتصنيع النموذج الأولي.
لذا قم بقراءة أهداف التعلُّم جيدًا، ثم أعد قراءتها وتأكَّد من تحصيل محتواها بعد انتهائك من دراسة الموضوع.
أهداف التعلُّم
- معرفة دورة التصميم، ومراحلها الأربع.
- فهم ماهية النمذجة الأولية.
- تحديد تقنيات الرسم ثلاثي الأبعاد.
- شرح كيفية عرض وتصنيع النموذج الأولي.
هيا لنبدأ!
عملية التصميم (Design Process)
يتبع المهندسون والمُصمِّمون منهجية تُسمّى دورة التصميم (Design Cycle)؛ لتصميم مُنتَج وإنشاء نموذج أولي له، وتُعرف دورة التصميم كذلك باسم عملية التصميم الهندسي، وهي بطبيعتها عملية تكرارية تسمح للشخص بحل مشكلة ووضع خطّة فعَّالة لتطوير المُنتَج، وتتبع دورة التصميم 4 مراحل كما هو موضح في الصورة التالية:
لمعرفة المزيد عن تصميم المنتجات، قم بالاطّلاع على الرابط التالي:
مرحلة البحث (Research Phase)
وهي الخطوة الأولى في دورة التصميم، وتهدف إلى تحديد الغرض من المُنتَج، ووصف المشكلة التي يحلها، والاحتياجات المتوقَّعة للمُستخدِمين، ويجب أخذ الخصائص التالية في الاعتبار عند إنشاء منتَج لحل مشكلة معيَّنة:
الجماليات
تقوم الجماليات بتحديد مظهر المُنتَج بالنسبة لحواس الإنسان المختلفة، حيث تشير إلى شكل المُنتَج ولونه وملمسه وتناسقه وأبعاده وشكله العام، ويسعى مصمِّمو المُنتَجات الموجَّهة للمُستهلِك إلى إنشاء منتجَات جذَّابة، وذلك للفت أنظار العملاء إليها وتعزيز المبيعات، مع التركيز على عدم حصر الاهتمام بالجانب الجمالي على حساب الوظائف الأساسية للمُنتَج؛ بل إيجاد التوازن بين مظهر المُنتَج ووظيفته، ويولي التصميم الهندسي اهتمامًا بالغًا بوظيفة المُنتَج قبل مظهره، وذلك على الرغم من التداخُل الكبير بينهما، حيث أصبحت الكثير من التصاميم الشائعة تدمج بين المظهر الجمالي الممتع والوظائف الجيدة للمُنتَج على حدٍ سواء.
العوامل الإنسانية
تهتم العوامل الإنسانية بدراسة كيفية استخدام البشر للأشياء والتفاعل مع البيئة، وتأخذ بالاعتبار شكل المُنتَج وحجمه وهندسته، بالإضافة إلى قابليته للاستخدام، حيث يجب أن يكون المُنتَج سهل الاستخدام ومريحًا ومناسبًا لحاجات المُستخدِم.
وبما أن البشر يتفاوتون في أحجامهم، فمنهم القصير والطويل والنحيل وغير ذلك، فإنه يجب أن تكون المُنتَجات قابلة للتخصيص؛ لتناسِب مختلف المُستهلِكين، فعلي سبيل المثال، إذا كان كرسي المكتب مصمَّمًا بطريقة مريحة، فلن يسبب جلوس المُستخدِم عليه حدوث أي إجهاد أو إصابات، ومن المهم تصميم الأشياء لتكون مريحة عند الاستخدام بغض النظر عن صغرها أو بساطتها، وينطبق هذا الأمر مثلًا على تصميم المُنتَجات الصحية، وعلى تصميم أدوات المائدة التي يتم تصميمها لتناسب اليدين بحيث يُمكِن للشخص إمساكها والتحكُّم بها بسهولة.
تتطلَّب المُنتَجات المعقَّدة أيضًا تصميمًا مريحًا، فالسيارة مثلًا تحتوي على كثير من أدوات التحكَّم وعلى واجهة مستخدِم معقَّدة، فالتصميم الجيد للسيارة يتيح للسائق الوصول إلى جميع أدوات التحكُّم بسهولة.
علم القياسات البشرية
يختص علم القياسات البشرية بقياس الخصائص البشرية والمقاييس الفسيولوجية التي تتعلق بالإنسان، ويتم جمع البيانات التي تتعلق بالقياسات البشرية بواسطة أشخاص من مختلف الأعمار والأجناس والأحجام، حيث يتم سردها في جداول ومخطَّطات بيانية ليتمكن المُصمِّمون من التحقُّق من مناسبة منتجَاتهم لأولئك الأشخاص بصفتهم المُستخدِمين النهائيين للمُنتَجات.
كما يجب على المُصمِّمين أن يكونوا على دراية كافية بالجمهور المُستهدَف للمُنتَج، وبالتالي إنشاؤه وفقًا لمتطلباتهم، فعلى سبيل المثال، يجلس أشخاص ذوي أحجام مختلفة على مقاعد السيارة، ولذلك فعلى المُصمِّم أن يجعل المقاعد ملائمة للجميع، حيث يتم تضمين القياسات البشرية الخاصة بالمُستخدِمين في مواصفات التصميم.
السلامة
يأتي معيار السلامة كأولوية عند تطوير المُنتَج الجديد، ويجب أن يضمن المُصمِّمون أن المُنتَجات آمنة للمُستهلِكين وللبيئة.
قد تواجه الشركات إجراءات قانونية وغرامات وإضرارًا بعلامتها التجارية في حال تسبُّب المُنتَج بضرر للمستهلِك أو البيئة، ويجب مراعاة سلامة المُنتَج عند اختيار معايير تصميم المُنتَج أو تطويره.
وتتضمن تلك المعايير التأكُّد من عدم سُميِّة المواد المُستخدَمة لتصنيع المُنتَج وسلامتها، وتطبيق تدابير السلامة الضرورية لتجنُّب الإضرار بالمُستهلِكين.
تتضمن معظم المُنتَجات الموجَّهة للمُستهلِك نوعًا من التفاعل بين المُنتَج وذلك المُستهلِك، ولذلك يجب الأخذ بالاعتبار كيفية استخدام المُنتَج ومدى خطورة أجزائه المختلفة عند تقييم احتياجات المُستخدِم.
مرحلة النموذج الأولي (Prototype Phase)
تشمل الخطوات الرئيسة في مرحلة إنشاء النموذج الأولي ما يلي:
- تصميم النموذج الأولي
يقوم المُصمِّمون بإنشاء تصميم نموذج أولي مبدئي يحدِّد الميزات والمواصفات الرئيسة بناءً على الأفكار التي تم توليدها خلال المراحل المبكرة من دورة التصميم.
- اختيار المواد
يعدُّ اختيار المواد المناسبة للنموذج الأولي أمرًا ضروريًا لتمثيل المُنتَج النهائي بدقة، حيث يمكِن للمُصمِّمين الاختيار من بين المواد المختلفة، بما فيها البلاستيك والمعادن والأخشاب والمواد الرغوية السائلة.
- إنشاء النموذج الأولي
بعد تصميم النموذج واختيار المواد، يتم إنشاء النموذج الأولي بشكل يدوي، أو باستخدام تقنيات التصنيع بالإضافة (Additive Manufacturing Techniques)، كتلك التي تعتمد على تطوير النماذج الأولية السريعة من خلال الطباعة ثلاثية الأبعاد، أو بتقنيات التصنيع من خلال الإزالة (Subtractive Manufacturing Techniques)، مثل آلات التحكُّم الرقمي باستخدام الحاسب (Computer Numerical Control – CNC)، وآلات السحب والحفر، وآلات القطع بالليزر، ويجب إنشاء النموذج الأولي على مستوٍ عالٍ من الدقة؛ للتأكُّد من أنه يمثِّل المُنتَج النهائي بدقة.
- التنقيح
يتم تنقيح النموذج الأولي وتحسينه بناءً على التغذية الراجعة من المُستخدِم، وقد يتضمن ذلك إجراء تعديلات على التصميم، أو اختيار مواد مختلفة لإنتاج المُنتَج، أو إجراء تغييرات أخرى لضمان أن النموذج الأولي يمثِّل المُنتَج النهائي بدقة.
- تكرار العملية
بناءً على درجة تعقيد التصميم والتغذية الراجعة المستمرة من العميل، قد يتطلب الوصول إلى التصميم النهائي للمُنتَج تكرار مرحلة النموذج الأولي عد مرات، فكل تكرار للعملية يقوم بتقريب التصميم إلى النتيجة المرجوَّة لإنتاج المُنتَج النهائي الذي يلبي احتياجات المُستخدِم وتوقعاته.
النماذج الفعلية
توجد أسباب عديدة تجعل من إنشاء النماذج الفعلية أمرًا ضروريًا، فيمكِن مثلًا إنشاء نموذج أولي فعلي لتمكين العميل أو المُستخدِم من الاطّلاع على الجوانب الجمالية للمُنتَج قبل بدء إنتاجه، وفي حالات أخرى قد يحتوي المُنتَج على مكوِّنات متعدِّدة؛ مما يولِّد الحاجة إلى إنشاء نماذج أولية فعلية؛ لضمان تجميع تلك المكوِّنات بشكل سليم؛ لتكوين المُنتَج المناسب والتأكُّد من عملها معًا بشكلٍ متناسق.
يحتاج تطوير أغلب المُنتَجات التي يستخدمها الإنسان بشكلٍ مباشر إلى نماذج أولية قبل الانتقال إلى المُنتَج النهائي، ويتم في بعض الأحيان إنشاء نموذج أولي فعلي من الممكن للشخص استخدامه وتقديم تغذية راجعة للمسؤولين عن عملية تصميمه، كما بإمكان المُصمِّمين تعديل مظهر بعض الميزات أو إدخال بعض التعديلات لجعلها أكثر مناسبة أو راحةً للمُستخدِم، ويتم تطوير بعض النماذج الأولية لتكون نسخًا طبق الأصل من المُنتَج النهائي، وذلك بسبب الحاجة إلى إنتاجها من المادة نفسها التي سيتم استخدامها لتصنيع المُنتَج النهائي.
يتيح ذلك اختبار النماذج لاحقًا في دورة التصميم في ظل ظروف واقعية؛ مما يعطي المُصمِّم الثقة بأن المُنتَج آمِن لترويجه وبيعه، وتوجد طرائق مختلفة لتصنيع النماذج الأولية المادية، ولكن أكثرها شيوعًا هو التصنيع من خلال التحكُّم الرقمي باستخدام الحاسب (CNC)، والتصنيع بالإضافة بواسطة الطباعة ثلاثية الأبعاد.
مرحلة الاختبار (Testing Phase)
يتعيَّن خلال مرحلة الاختبار وجود إجراءات دقيقة ومعايير واضحة؛ لاختبار وإصلاح المُشكِلات أو الخلل في التصميم المحتَمل أو النموذج الأولي قبل دخوله مرحلة التصنيع.
إن تخصيص الوقت والموارد الكافية لاختبار المُنتَج في المراحل الأولى من تطويره، كفيل بتوفير تكاليف الإصلاح والتعديل في مراحل التطوير اللاحقة.
ولكن قبل التعرُّف على هذه الاختبارات، لابد من التعرُّف على تعريف هام، وهو المظهر النهائي للتصميم.
المظهر النهائي للتصميم (Final Render)
يتم إجراء محاكاة واقعية للنماذج التي تم إنشاؤها بواسطة الحاسب، والتي تعطي عادةً فكرةً عامة عن مظهر المُنتَج المكتمِل دون الحاجة إلى تصنيع نسخة حقيقية منه.
هناك أنواع مختلفة من الاختبارات التي يتم إجراؤها أثناء عملتي التصميم وإنشاء النماذج الأولية للمُنتَج، منها:
- اختبار قابلية الاستخدام
من الضروري اختبار التوافق بين التصاميم والنماذج الأولية للمُنتَج واحتياجات السوق، وقد يشارك المُصمِّم أو الشركة النماذج الأولية أو المظهر النهائي للتصميم مع عينة من المُستخدِمين للحصول على التغذية الراجعة، كما تقوم مجموعات التركيز (Focus Groups) باختبار المُنتَج وتقديم الملاحظات، ومن الممكن للمُصمِّم بعد ذلك إجراء تغييرات طفيفة قبل الإنتاج، وكذلك من الممكن للشركات استخدام تقنيات اختبار السوق المختلفة، مثل مجموعات التركيز، والاستبانات والمقابلات، وذلك لقياس مدى اهتمام المُستهلِك بالمُنتَج الجديد، والتعرُّف بشكل أكثر عمقًا على المُستهلِكين أو السوق المُستهدَفة، كما يمكِن أيضًا مقارنة النتائج التي يتم الحصول عليها بأبحاث السوق التي تم إجراؤها في الماضي للتأكُّد من تلبية المُنتَج لاحتياجات المُستخدِم.
- اختبار الأداء
الاختبارات الواقعية للمُنتَج من الممكن أن تساهم في تحسينه بشكل كبير، حيث تساهم تجارب المُستخدِمين الحقيقيين للمُنتَج باختباره بطرائق واقعية مختلفة بهدف تحسين وظيفته أو بيئة عمله، وتُمكِّن الاختبارات الواقعية المُصمِّمين من اختبار حدود تحمُّل النموذج الأولي للظروف المختلفة والشديدة، وذلك من أجل ضمان قدرته على الصمود خلال الاستعمال الحقيقي من قِبَل المُستخدِمين، كما يتضمن اختبار حدود تحمل المُنتَج تحطيم النموذج الأولي.
فعلى سبيل المثال، عند إطلاق سيارة بتصميم جديد، يتم تطوير العديد من النماذج الأولية وتدميرها خلال محاكاة الحوادث، ويعدُّ تطوير هذه النماذج الأولية باهظة الثمن أمرًا لازمًا حيث أنّ فشله أو قصور معايير السلامة فيه يعني تعريض حياة البشر للخطر.
يجب على المصممين التأكُّد من قدرة المُنتَج وكذلك جميع مكوناته على العمل في الظروف القياسية، ويتحقق الاختبار غير المُدمِّر (Non-Destructive Testing – NDT) من سلامة مكوِّنات المُنتَج، كنقاط اللحام مثلًا.
أصبح بالإمكان إجراء اختبارات افتراضية دقيقة للمُنتَجات باستخدام أدوات التصميم بمساعدة الحاسب (CAD) وتقنيات المحاكاة الحديثة، ومن الممكن للنماذج الافتراضية تقليل وقت التطوير والتكلفة، ولكنها نادرًا ما تصلح كبديل عن النماذج الأولية الفعلية، وتوضح الاختبارات الافتراضية كيفية عمل الآليات المختلفة في المُنتَج من خلال تقنية تحريك الصور للمكوِّنات المجمَّعة، واختبارات المحاكاة باستخدام تحليل العناصر المحدودة (Finite Element Analysis – FEA)، وذلك بشكل أساسي لتحليل إجهاد المواد وتأثير القوى الخارجية، ولتحليل الموائع باستخدام ديناميكا الموائع الحسابية (Computational Fluid Dynamics – CFD).
يمكن كذلك استخدام هذه الاختبارات لمحاكاة عمليات التصنيع، وتمثيل عمليات المحاكاة لكيفية صب المعدن السائل لصناعة مكوِّن معيَّن، أو كيفية تدفق البلاستيك في أداة قوالب الحقن؛ مما يساعد المُصمِّمين على ضمان منتَج خال من الأخطاء.
يوضِّح الشكلان التاليات مثالين على طريقة تحليل العناصر المحدودة وطريقة ديناميكا الموائع الحسابية.
تعريفات هامة
- الاختبار غير المدمر (Non-Destructive Testing – NDT)
هو اختبار للمُنتَجات بالقرب من حدودها، دون الوصول إلى نقاط تدميرها أو التسبُّب في تلفها.
- تحليل العناصر المحدودة (Finite Element Analysis – FEA)
هي محاكاة حاسوبية تختبر تفاعل العناصر والمكوِّنات مع التطبيقات المختلفة للقوى الخارجية والضغط.
- ديناميكا الموائع الحسابية (Computational Fluid Dynamics – CFD)
هي محاكاة حاسوبية تختبر كيفية تفاعل السوائل والغازات مع المكوِّنات والعناصر المختلفة الخاصة بالمُنتَج.
بإمكانك مراجعة محتوى موضوع “التصميم والنماذج الأولية” حتى نهاية هذا القسم، من خلال الرابط التالي:
مرحلة التحسين (Optimization Phase)
يتم في هذه المرحلة من دورة التصميم تحسين التصميم المقترح للوصول إلى أفضل حل ممكن.
وللقيان بذلك ينشئ المُصمِّمون مكوِّنًا أو نموذجًا أوليًا للمُنتَج، ثم يتم اختباره وإجراء التحسينات على التصميم، ويتم تكرار عملية إنشاء النموذج الأولي واختباره، ثم تعديل التصميم من جديد، ويساهم إعادة تكرار الإنتاج في تحسين التصميم والنماذج الأولية.
قد تتضمن مرحلة التحسين إنشاء المئات من النماذج الأولية وتغيير التصميم، مع إجراء تحسينات تدريجية ومدروسة في كل تكرار، ومن الممكن أن تؤدي مرحلة التحسين إلى رفع كفاءة التصنيع، أو كفاءة الأداء، أو جعل التصميم أكثر قابلية للاستخدام.
على سبيل المثال، يمر الجناح الخلفي لسيارة السباق في الفورمولا 1 (F1) بمراحل إنتاج متعدِّدة لتحسين الديناميكا الهوائية، حيث يصنع المُصمِّمون نماذج أجنحة متعدِّدة لاختبارات التصاميم المختلفة، ثم يجرون تغييرات طفيفة على التصاميم، وينشئون نماذج أولية جديدة، ويقومون باختبارها للوصول إلى أفضل تصميم، ويتطلَّب تحسين التصميم تقديم بعض التنازلات ووضع بعض القيود على حدود عملية التحسين، حيث أن مشاريع تطوير المُنتَجات غالبًا ما تكون مقيَّدة بجدول زمني وميزانية محدَّدة وموارد محدودة أخرى، وفي الحالات التي تتطلَّب أعلى معايير السلامة للمُنتَج، تكتسب فيها مرحلة عملية التحسين أهمية خاصة في الحد من أي تأخير في تطوير المُنتَج.
هناك عملية أخرى تتضمنها مرحلة التحسين، وهي تحسين عمليات التصنيع واستخدام المواد الجديدة، كما يمكن أن يؤدي التصنيع بالإضافة والأتمتة الذكية إلى تغيير أداء التصميم.
التصنيع بالإضافة (Additive Manufacturing)
التصنيع بالإضافة هو عملية إنشاء مجسمات صلبة ثلاثية الأبعاد من خلال إضافة طبقة تلو الأخرى، ويسمح التصنيع بالإضافة بالتخلُّص من الكثير من القيود الهندسية التي تقيِّد طرائق التصنيع التقليدية، كما يمكن تبسيط تعليمات التصميم للسماح بتصنيع النموذج الأولي بشكل أكثر كفاءة بواسطة الآلات المؤتمتة الذكية.
وفي حال تم تصنيع المُنتَج بكميات كبيرة، فسيتمكن المُصمِّم أيضًا من تحسين عملية تجميعه.
التصنيع من خلال الإزالة (Subtractive Manufacturing)
التصنيع من خلال الإزالة هو عملية إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد عن طريق إزالة المواد من قطعة أو مادة لها كتلة أكبر، ويتم ذلك باستخدام مجموعة متنوعة من أدوات القطع مثل المناشير والمثاقب والمخارط والمطاحن وغيرها من الأدوات المتخصصة، والتي يتم استخدامها لإزالة المواد تدريجيًا من القطعة أو الكتلة حتى يتشكَّل المُنتَج النهائي.
كما تبدأ هذه العملية عادةً باستخدام كتلة من المادة الخام أكبر من حجم المُنتَج النهائي، ثم إزالة أجزاء من المادة تدريجيًا؛ حتى يتم الوصول إلى الشكل المطلوب.
الإنتاج الآلي الذكي (Smart Automated Production)
يتطلَّب الإنتاج الآلي الذكي استثمارًا ماليًا كبيرًا في شراء أجهزة التصنيع الحديثة، ولذلك يجب على المُصمِّمين النظر إلى تقييم هذا الاستثمار بشكل جيد، ودراسة تأثيره على سعر البيع النهائي للمُنتَج، وكثيرًا ما يفكر المُصمِّمون في المواد ذات الخواص المتقدمة التي يمكِن استخدامها لتحسين مُنتجَاتهم.
وأحد الأمثلة على ذلك تصنيع الشاحنات، حيث تعمل محركات الشاحنات التقليدية بالوقود الأحفوري، مثل: الديزل أو السولار، ولكن الانتقال لتشغيلها بالمحركات الكهربائية يعني الحاجة لتركيب بطاريات ليثيوم أيون ثقيلة، ولذلك بدأ مصنعو الشاحنات بتصميمها باستخدام مواد مركَّبة خفيفة مثل الألياف الكربونية للتخفيف من أثر الوزن الزائد للبطاريات الكهربائية على الوزن العام للشاحنات.
النمذجة الأولية (Prototyping)
كانت عملية رسم المخطَّطات الهندسية التقليدية تتم يدويًا على الورق ولوحات الرسم الهندسي حتى وقتٍ قريب، وذلك باستخدام الأقلام والأدوات الهندسية كالمساطر والمربعات والمنقلة والفرجار، ويتم إنشاء معظم المخطَّطات على جهاز الحاسب الآن باستخدام برامج التصميم بمساعدة الحاسب (CAD)، والتي يتم استخدامها على نطاق واسع لإنشاء الرسومات الهندسية ثنائية وثلاثية الأبعاد، وعادةً ما يقوم المُصمِّم أو المهندس بإنشاء الرسم ثلاثي الأبعاد، ثم تحسينه بصورة ثنائية الأبعاد لنقل التفاصيل الكافية لتصنيعه.
تقنيات الرسم ثلاثي الأبعاد (3D Drawing Techniques)
الرسومات التصويرية (Pictorial Drawings) هي التقنية الرئيسة المُستخدَمة في الرسم ثلاثي الأبعاد بواسطة الحاسب، وتقوم تلك الرسومات التصويرية أشكالًا ثلاثية الأبعاد لمجسَّم يتم معاينته من خلال طرائق عرض محدَّدة، وهناك 4 أنواع رئيسة من الرسوم التصويرية.
- الرسم الهندسي المائل
يركز النموذج ثلاثي الأبعاد في الرسم الهندسي المائل على واجهة النموذج بحيث يتم عرضه بزاوية 45 درجة بالنسبة للمحور السيني.
هناك نوعان من الرسم الهندسي المائل يختلفان في نِسَب النموذج في واجهة العرض.
يسمى النوع الأول عرض كافلير (Cavalier View)، ويسمى النوع الثاني بعرض كابينيت (Cabinet View).
عند استخدام عرض كافلير، يتم عرض جميع نِسَب وأضلع النموذج بحجمها الأصلي، أما في عرض كابينيت، فيتم عرض الواجهة الأمامية للنموذج بحجمها الأصلي، ولكن النِسَب الأخرى يتم عرضها بنصف حجمها.
- الرسم متماثل القياس
يركِّز النموذج ثلاثي الأبعاد في الرسم متماثل القياس على جانب النموذج، حيث يتم عرض النموذج بزاوية 30 درجة على المحور السيني، وذلك خلافًا لعرض كابينيت في الرسم المائل، حيث يتم عرض النِسَب الأصلية للمجسَّم.
- الإسقاط المنظوري
يتم في الإسقاط المنظوري عرض النموذج ثلاثي الأبعاد بطريقة تحاكي العمق المكاني، وهناك 3 أنواع من الرسوم المنظوري:
- منظور ببؤرة تلاشي واحدة (One-Point Perspective): يتم عرض النماذج ثلاثية الأبعاد على سطح ثنائي الأبعاد باستخدام خطوط رأسية وأفقية متقاطعة، وتبدأ هذه الخطوط من نقطة واحدة على السطح تسمى بؤرة التلاشي، وتعرف بؤرة بأنها نقطة في الرسم المنظوري، حيث تبدو الخطوط المتوازية متقاربة، وتلتقي عند نقطة واحدة في الأفق.
- منظور ببؤرتَي تلاشي (Two-Point Perspective): تبدأ الخطوط الأفقية من نقطتين مختلفتين على السطح.
- منظور بثلاث بؤر تلاشي (Three-Point Perspective): تبدأ الخطوط الأفقية من 3 نقاط مختلفة على السطح.
- الإسقاط المتعامد
يوفر الإسقاط المتعامد عرضًا ثنائي الأبعاد للمُنتَج من الجهات الثلاث: الأمامية، والجانبية، والعلوية، حيث توفر هذه الجهات المعلومات التفصيلية اللازمة لتصنيع المُنتَج، بما في ذلك القياسات المُحدَّدة لكل مكوِّن، وكيفية ارتباطه بالمكوِّنات الأخرى، ويتم استخدام الرسومات التي تعتمد الإسقاط المتعامد على نطاق واسع.
إضافة إلى التقنيات التي تم ذكرها أعلاه، يتم إنشاء رسومات التجميع، بما فيها العرض التفصيلي (Exploded Views)؛ لتمثيل العلاقات المختلفة بين المكوِّنات وكيفية ترتيب تجميعها.
رسومات التجميع
يمثِّل الرسم التجميعي (Assembly Drawing) طريقة تجميع منتَج مكوَّن من عناصر مترابطة متعدِّدة، وذلك بهدف إنتاج المُنتَج هذه الرسومات في تطبيقات الرسومات ثلاثية الأبعاد بواسطة الحاسب التي تسمح للمُصنعين والعملاء بمشاهدة النموذج قبل تجميعه.
قائمة المواد (Bill of Materials – BOM)
قائمة المواد هي قائمة شاملة لجميع المواد والمكوِّنات والتجميعات الفرعية اللازمة لتصنيع المُنتَج النهائي.
العرض التفصيلي
العرض التفصيلي هو رسومات تجميع تُظهر كل جزء من المُنتَج على حدة، وعلاقته بالأجزاء الأخرى، وكيفية تجميعه بشكل نهائي.
عادةً ما يتم ترقيم كل جزء من أجزاء المُنتَج بما يتوافق مع قائمة الأجزاء، وعلى الرغم من استخدام رسومات التجميع والرسومات التفصيلية لفهم طبيعة المُنتَج؛ إلا أنها لا توفر المعلومات الكافية واللازمة لآلات التصنيع لإنتاج الأجزاء المختلفة للمُنتَج.
توفر الرسومات ثنائية الأبعاد تفاصيل محدَّدة حول نِسَب المكوِّنات التي يجب تصنيعها.
عرض وتصنيع النموذج الأولي (Prototype Rendering and Manufacturing)
يجب عرض النموذج ثلاثي الأبعاد للمُنتَج بعد تجهيزه، ويتم تطبيق نوع المواد، والنسب المختلفة لها، ونتائج عمليات المحاكاة الفيزيائية أثناء مرحلة العرض لإنشاء نموذج أولي افتراضي يبدو أقرب ما يمكن إلى المُنتَج الحقيقي، ويتم استخدام هذا النموذج الأولى لعرضه على أصحاب المصلحة والمُصنِّعين، ومن الطبيعي أن تتم في مرحلة العرض مراجعات أخرى قبل تصنيع النموذج الأولي؛ مما يوفِّر المال والوقت.
ويعتبر تصنيع النموذج الأولي الخطوة الأخيرة في هذه العملية، ويمكن القيام بذلك من خلال استخدام تقنيات التصنيع منخفضة التكلفة مثل الطابعات ثلاثية الأبعاد، أو استخدام طرائق التصنيع بالإضافة، أو استخدام التحكُّم الرقمي باستخدام الحاسب (CNC) عند الحاجة لإنتاج نماذج أولية أكثر واقعية، ويعطي النموذج الأولي الفعلي التمثيل الأكثر دقة للمُنتَج؛ مما يتيح لدورة التصميم التكراري (Iterative Design Cycle) أن تستمر حتى نهايتها.
بإمكانك بمراجعة محتوى موضوع “التصميم والنماذج الأولية” بدايةً من عنوان “مرحلة التحسين” وحتى نهاية الموضوع، من خلال الرابط التالي:
إلى هنا يكون قد انتهى موضوع “التصميم والنماذج الأولية“، لا تنسوا مراجعة نواتج التعلُّم أعلى المقال، وانتظرونا في الموضوع القادم!